قد يأتي الموت فجأة دون سابق إنذار ودونما تمييز بين شاب وكهل .
هذه القاعدة التي خلص إليها الشاب أحمد سيف محمد بعد معاناته من مرض الكوليرا .
أحمد هو العائل الوحيد لأسرته فهو الذي يستيقظ صباحاً لكسب الرزق لهم ويعود إلى بيته موفراً لهم احتياجات أسرته الأساسية .
أحمد يعيش في القناوص المنطقة التي تعاني كثيراً من الفقر والعوز ، وما أسرة أحمد إلا واحدة من آلاف الأسر التي تعيش في هذه المنطقة حيث ينتشر الفقر والمرض كنتيجة طبيعية للجهل الذي يرسف فيها .
يفكر أحمد كثيراً في تغيير حياته وحياة أسرته ويحاول أكثر .
بينما هو في العمل ذات يوم مواصلاً التفكير والعمل في نفس الوقت في كل ما يشغل باله ويطمح إليه زارته الكوليرا كضيف ثقيل على جسده يهدف إلى إنهاء حياته بطريقة مؤلمة .
جسد أحمد يطلب الماء يشعر بظمأ شديد سرعان ما يجيب نداءات جسده فينقلب عليه الحال إذ يشعر بأحشائه قد فقدت التماسك وتريد الخروج عن طريق فمه .
دخل أحمد إلى دورة المياه متفاجئاً مما اعترى جسده بغتة ، إسهال حاد وقيء شديد متلازمان في نفس الوقت ، إرهاق شديد جعل الرجل لا يستطيع الخروج من دورة المياه .
أدرك أحمد حينها أنه يعاني من مرض يسعى لقتله ، أحداث حياته مرت في مخيلته بسرعة جعلته يتساءل بينه وبين نفسه بصمت ، هل أنا على موعد مع الموت ؟
الألم الذي يشعر به في تلك اللحظة ، الإرهاق الذي حل به على حين غرة ، كل هذه الأحاسيس جعلت إجابةً واحدة تقفز إلى ذهنه ، نعم يا أحمد أنت على موعد مع الموت .
أسرتي ، أهلي ، كل المعتمدين عليّ في سد رمقهم ….. كيف سيكون مصيرهم ؟
كان هذا هو الشيء الوحيد الذي يفكر به أحمد لو فارق الحياة ، حينها انتهى المشهد بالنسبة لأحمد عند هذه اللحظة فلقد غاب عن الوعي وأغمي عليه .
زملاء أحمد في العمل افتقدوه سألوا عنه بحثوا بحثاً حثيثاُ عن الرجل ، كل الدلائل قادتهم أن أحمد في دورة المياه .
لماذا تأخر وليس من عادته ذلك ؟ طرقوا الباب مراراً ولا مجيب قرروا أخيراً أن يدخلوا دورة المياه ليجدوا أحمد غائباً عن الوعي .
خمن زملاء أحمد أنها الكوليرا فقط من تفعل ذلك ولا شيء سواها فحملوه صوب المركز الصحي التابع لمنظمة عبس في المنطقة لإنقاذ حياته قبل أن تختطفها الكوليرا .
وصلوا الزملاء بأحمد إلى المركز الصحي الوحيد في المنطقة والذي تديره منظمة عبس .
استقبل الأطباء والممرضون أحمد في المركز الصحي وقاموا بقياس العلامات الحيوية عليه .
بعد عمل الفحوصات المخبرية اللازمة أدرك الأطباء أن أحمد يعاني من الكوليرا وأنها قد تمكنت منه فلم يكن منهم سوى أن قاموا بعمل كل الاجراءات المؤدية لإنقاذ حياته من حقن وريدي بالسوائل التعويضية لما فقده جسمه بالإضافة إلى الأدوية المساهمة في إنعاشه وإرجاعه إلى حالته الطبيعية .
بعد كل الاجراءات التي قام بها الأطباء والممرضون عادت العافية تكسو ملامح أحمد وانقشع عنه خطر الكوليرا وعاد إليه الوعي مرةً أخرى ليدرك أحمد أن الحياة منحته فرصة أخرى لعيشها بفضل من الله ثم بفضل المركز الصحي التابع لمنظمة عبس .
عاد الطبيب لفحص أحمد مرةَ أخرى ليتأكد أن خطر الكوليرا زال عنه وكان بالفعل ذلك ما حصل .
فقام بعدها الكادر الطبي بتوعية أحمد بمخاطر الكوليرا وأعراضها في حال أصيب أحد من المقربين إليه مشددين على أهمية سرعة إنقاذ المريض إلى المركز الصحي.